جريدة رواد الغد الثقافيه رئيسا مجلس الادارة الاستاذه نداء الرؤح الاستاذ علاء العجمي

الخميس، 14 يوليو 2016

إذا زلت قدم .. بقلم : احمد بو قراعة


  • إذا زلّت قدم
  • لم يكن ترعاه يوما في الطّريق أو تمتدّ له يدٌ كريمة تصافح أو تبعده عن خطر فيها به يحوق.كان واحداممّن تمتلىء بهم الشّوارع و تزدان و تفرح إذْ بهم تضيق.إذا عمّروها تجمّلت و احتفلت و إذا ساقهم اللّيل إلى البيوت صارت كمن تزيّنت و تجمّلت ثمّ مسّحت عن وجهها آخر النّهار ما جمّلها من طلاء و مساحيق

  • كان واحدا من عامّة هذه الأيدي التّي تطعم أفواهها بتعبها و قد تستنقص من حقّ الأفواه لتُلاَعبَ به في الرّأس خيالا و نشوة و ارتخاء مفاصل و اقتناص محارم اللذّات و المتع.وكان أيضاواحدا من هذه القلوب العامرة بالإيمان و إن بدت في جدرانها ثقبٌ يطلّ من بعضها العصيان و النسيان و اللّعب . رجل لا شقاء في البحث عنه.رجل بسيط قد يكون من بسطاء القاهرة القاهرة, أفئدة العرب و عقولهم .وقد يكون ممّن تألفه الأعين
  • في بغداد مدينة الإنكسار و الجبر و النهوض التي ما قطف فيها رأس إلاّ أينعت فيها رؤوس.وقد يسير إلىجوار غيره و يرافقه و يزاحمه في المدينة, المدينة السّاهرة حمدا و تسبيحا و تهليلا ,أو في عزّة عزَّةَ كلّ كثيّر و قيس و جميل. رجل بسيط من العاملين المتعبين تضحك لهم و بهم المدن و ترخي لهم ثدييها يرضعون حبّها دون غيرهم ممّن يزعمون البطولة و يدّعون الإمامة و الفحولة فانْصبّ عشقها في أركانهم انصبابا و نحتت أجسامهم و عقولهم و ضمائرهم من صفاء عشقها

  • لم يكن يعبأ به أحد .وهل يعبأ بسيط ببسيط؟ و هل يهتمّ همٌّ بمثله؟بسطاء عاملون قد يفرحون وقد يغتمّون.

  • لم يكن ترعاه يوما عين في الطّريق فصارت ترهب منه و تخافه بعض العيون.
  • و قد تمتدّ له بعض الأيادي فيضمّ كفّه كالقابض على ثمين يخاف السّارق أو عصف الرّيح.لم يخلع عنه ثياب البسطاء يحاذر قذارة الطّريق .ألفه النّاس في شارعين يعدّ الخطى
  • بين منزلين متباعدين عدّ المخطئ المصرّ على الصّواب فيعيد ..عيناه في قدميه و عدّ الخطى في شفتيه .و شفتان مقضومتان بناب .و يد تعصر الأخرى بعسر.و خدّ فيه حرث الأضافر .و ركبتان تتدافعان جَهدا .ينظر في الوجوه فيبكي غصّة و نشيجا.ويبرك مستندا إلى جدار يخفي عينيه منتحبا .و يشهق شهقة المخدوع المحيّر و قد ينزع الحذاء يدقّ قدميه بالحجارة دقّ المسكون بالوهم ,و يحكّ رأسه حكّ القاطن في شعره الخبث و يسلّ شعره سلّ الغضوب المتحيّر .
  • عودٌ أغصانه رقّتْ و دقّتْ و تقشّرتْ ما وقفت به أقدام أمام باب منزل إلاّ استدعاه باب منزل آخر يعدّ الخطا في صمت و نشيج و نحيب .
  • ألفته الوجوه فاعتادت منه ذلك و ما درى دار لذلك الهيكل الباكي المتهدّم من سبب ألاّ امرأة عجوز تكسّر ظهرها وارتعشت يدها و غار بصرها و قد أخبرت فقالت:
  • "لقد ترك منزلي منذ أعوام كثيرة في هيأته التي ترى ,كان بعض الرّجال يختلسون المتعة في بيتي .كان يشرب و طلب متعة أخرى .تركته و الخمر .و ترصّدت في الطريق الإناث فدلّتني الخبرة على عين طالبة فملت إلى البيت أبشّره بجمال ذي فَتَن فرآها فصاح: ابنتي؟وبكى ثمّ خلط الضحك بالبكاء.فهو إلى اليوم ما تراه العيون
  • إنّه واحدٌ ممّن زلّتْ به قدم و انزلقتْ ساقه نحو بيتي فهوى"

  • أحمد بو قرّاعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.