دقّةُ التّعبيرِ القرآني في استخدامِ الألفاظ:
قالَ تعالى (وأمّا الّذين فَسَقوا فمأواهمُ النّارُ كلّما أرادوا أنْ يخرجوا منها أُعيدوا فيها وقيلَ لهم ذوقوا عذابَ النّارِ الّذي كنتم بهِ تُكذّبون) السّجدة 20.
وقالَ تعالى (فاليومَ لايملكُ بعضُكم لبعضٍ نفْعاً ولا ضرّاً ونقولُ للّذين ظَلَموا ذوقوا عذابَ النّارِ الّتي كنتم بها تُكَذّبونَ ) سبأ 42.
يخبرُنا تعالى في الآيةِ الأولى عن حالِ الفاسقينَ في النّارِ أنّهم كلّما حاوَلوا الخروجَ منها رُدّوا إليها وقالتْ لهم الملائكةُ المُوَكّلونَ بعذابِهم ذوقوا العذابَ الّذي كنتم تنكرونَهُ في الدّنيا.
وفي الآيةِ الثّانيةِ يخبرُنا تعالى عنِ المشركينَ والظّالمينَ الّذين اتّخذوا من دونِ الله شركاءَ كالأصنامِ والأشخاصِ وغيرِهم يعبدونَهم من دونِ الله أنّ بعضَهم لا يملكُ لبعضٍ نَفْعاً ولا ضرّاً ويقالُ لهم كذلكَ ذوقوا عذابَ النّارِ الّتي كنتم تنكرونَها في الدّنيا.
وعندَ التّمَعّنِ في الآيتينِ نجدُ في الآيةِ الأولى أنّه تعالى استخدَمَ أسمَ الموصولِ (الّذي) في قولِهِ (عذابَ النّارِ الّذي كنتم بهِ تكذّبون) ، واستخدَمَ اسمَ الموصول (الّتي) في قولِهِ تعالى (عذابَ النّارِ الّتي كنتم بها تكذّبون) في الآيةِ الثّانية فما السّرُّ في ذلك !؟؟.
والجوابُ عن ذلكَ أنّ أسمَ الموصولِ (الّذي) يعودُ الى (العذابِ) في الآيةِ الأولى والمعنى أنَّ الفاسقينَ (منَ بعضِ المِللِ كاليهودِ وغيرهم) لم يُنكروا نارَ جهنّمَ عموماً ولكنْ أنْكَروا أنْ يُصيبَهم عذابُها الى أجَلٍ غيرِ محدودٍ كقولِ اليهودِ (وقالوا لن تَمَسّنا النّارُ إلّا أيّاماً معدوداتٍ) وكقولِ بعضِ الفِرَقِ منَ النّصارى أنّ عذابَ جهنّم روحيٌّ وليسَ حِسّيًّا . وأمّا في الآيةِ الثّانيةِ فإنَّ اسمَ الموصولِ (الّتي) يعودُ الى النّارِ نفْسِها والمعنى أنَّ المشركينَ (كفَارَ مكّةَ وغيرَهم منَ الملاحدةِ من شتّى المِللِ) أنكروا البعثَ بعدَ الموتِ والحسابَ والجزاءَ أصلاً وبالنتيجةِ أنكَروا جهنّمَ ونارَها فجاءتِ الآيةُ هكذا (عذابَ النّارِ الّتي كنتم بها تُكَذّبون) أي النّارَ نفسَها واللهُ أعلمُ . فسبحانَ الّّذي وسِعَ كلَّ شيءٍ عِلْما
المهندس خليل الدّولة
7/11/2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.