جريدة رواد الغد الثقافيه رئيسا مجلس الادارة الاستاذه نداء الرؤح الاستاذ علاء العجمي

الخميس، 27 يوليو 2017

بقايا قلب بقلم سليم عوض عيشان

" بقايا قلب .. بقايا امرأة " ؟؟!!
( الجزء الثاني ) 
قصة قصيرة 
بقلم سليم عوض عيشان ( علاونة )
======================

" بقايا قلب .. بقايا امرأة " ؟؟!!
( الجزء الثاني ) 
الصدمة الثانية القاسية في حياتي لم تلبث أن وصلت ... ؟؟!!...
.. لم تكن من الحبيب .. ولكنها كانت من جراء ذلك الحدث الجلل نتيجة الحدث المفاجئ بوفاة شقيقي البكر إثر جلطة دماغية مفاجئة وهو ما زال شاباً لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره ..
الشاب الذي كان يمت لي بصلة القرابة والذي كنت أبادله الحب وقف إلى جانبي يشد من أزري لتجاوز المحنة وخروجي من الصدمة العنيفة بفقدان أخي .
واستمر الحب ملتبهاً بيننا لسنوات وسنوات حتى بلغت الثامنة عشرة من عمري .. وأزف الوقت الذي كان يتحتم فيه عليّ مغادرة البلد الذي نشأت فيه وترعرت .. لكي انطلق لحياة جديدة مليئة بالمغامرات والأفراح والأحزان في وطني وبلدي الأصلي .. ولم ينقطع حبل الود والحب ما بيني وبين الحبيب القريب . ولخشيته من أن يفقدني .. أو أن يعجب بي أحد سواه من الشباب فأفتن بهم .. خاصة وأنني كنت قد التحقت بالجامعة ؟؟!! فقام بطلب يدي من أبي لخطبتي .. وتم ذلك بالفعل وعشت أحلى وأجمل أحلام يقظة يمكن أن تتخيلها أي فتاة مع الشاب الذي تعشقه .
... وبدأت التجهيزات والتحضيرات لبيت الأحلام والفرح والسعادة الزوجية .. لتحقيق الحلم الكبير وإخراجه إلى حيز الوجود ..
الأيام تمضي سراعاً والموعد يقترب بسرعة أكبر .. وإخراج الحلم الوردي الجميل إلى حيز الوجود أصبح قاب قوسين أو أدنى .. فشعرت بأنني أصبحت أشارك الملائكة في السماوات العلا .. وأنافس العصافير شقشقة والطيور زقزقة .. فما هي سوى أيام قلائل وسأنتقل بعدها إلى عش الزوجية والسعادة الأبدية .. والانتقال إلى حيث النعيم والخلود اللامتناهي .
قمت وخطيبي .. حبيبي .. زوجي وشريك حياتي الذي سيكون كذلك بعد عدة أيام .. عدة ساعات .. قمنا سوية باختيار كل ما يتطلبه بيت الزوجية من أثاث وادوات ولوازم .. تلك الأشياء التي كنا نقوم سوية بتنسيقها وترتيبها في عش الزوجية المنتظر.
.. شعرت بأن عش الزوجية تنقصه بعض الأشياء من الكماليات اللازمة لكي يصبح الجنة ذاتها ولكي تكتمل السعادة .
قمت بالتسوق – منفردة – لشراء كل ما يلزم وما لا يلزم .. والسعادة الغامرة تسيطر على نفسي وقلبي ووجداني .
بعد انتهائي من عملية التسوق المضنية ؛ قررت أن أذهب بها إلى عش الزوجية لكي أقوم بترتيبها وتنسيقها بطريقتي وبذوقي الخاص .. ولكي أجعل منها مفاجأة لخطيبي وحبيبي عندما يحضر إلى هذا العش الجميل بعد أيام قلائل .. 
ولجت إلى المنزل بخفة الفراشة ورشاقة الطيور وسعادة الملائكة .. وضعت الأشياء جانباً لكي أستريح لبعض الوقت على الأريكة في الصالون .. ولالتقاط أنفاسي والتفكير بكيفية وطريقة ترتيب الأشياء وتنسيقها في الأماكن التي ستبدو فيها أجمل .
ثمة صوت تناهى إلى مسامعي بما يشبه الهمس .. أصخت السمع بشكل جيد .. فتحققت من الأمر ؟؟!! .
كان الصوت صوته ... والهمس همسه .. فأنا أعرف جيداً جمال صوته ورقة همساته وروعتها ... كان مصدر الصوت هو حجرة النوم التي سنقضي فيها أسعد لحظات العمر ...
شعرت بمدى حبه لي .. وتأكدت بأنه يحبني بشكل جنوني وبأكثر مما كنت أتوقع .. فها هو قد سبقني للوصول إلى هنا لتقديم المفاجأة الرائعة لي .. فلا بد أنه قد أحضر الأشياء والأشياء الجميلة والتي أحس بأن تسوقها سيسعدني كثيرا فأرادها لي مفاجأة جميلة ...
هتفت في سري بما يشبه الهمس : " كم أنت رائع يا حبيبي ... كم أحبك يا حبيبي .. " ..
نهضت من مكاني بخفة الفراشة كي أفاجئه وهو في حجرة النوم يقوم بترتيب الأشياء وتنسيقها ..
وبعد لحظات يسيرة كنت أقوم بفتح باب الحجرة كي تكون المفاجأة أجمل وأروع ...
.. وقد كانت كذلك بالفعل ؟؟!! 
قلبي كاد أن يتوقف عن الوجيب .. أو لعله قد فعل ذلك فعلا ... الارتعاش والرجفة سيطرت على كل حواسي .. وعلى نفسي وروحي من هول المفاجأة ؟؟!!... 
وقبل أن أسقط على الأرض مغشياً عليّ .. كنت أتمتم بحروف وكلمات متداخلة وكأنها تأتي من وراء الجبال أو من داخل القبور ... : " .. يا لها من مفاجأة حقاً ... لا يمكنني أن أصدق ما تراه عيناي ؟؟!! " .
ثمة مشهد يغشاه الضباب الكثيف يطاردني بقوة وقسوة .. فمن خلال الضباب الكثيف الرهيب المخيف أرى صورته .. صورة حبيبي .. خطيبي .. زوجي المستقبلي .. وهو ينظر نحوي مشدوهاً رائغ البصر .. يتمتم بتلعثم :
" أهي أنت ؟؟!! "
نعم .. إنها أنا أيها الحبيب الغالي .. أيها الخطيب الوفي .. لقد أتيت إلى هنا لكي أجعل الأمر مفاجأة جميلة بالنسبة لك .. ولكنك قدمت لي مفاجأة مختلفة .. لم تخطر لي على بال ؟؟!! ..
.. من بين سحب الضباب الكثيفة .. تبدو صورته الجميلة – البشعة - .. يبدو كشيطان من شياطين جهنم .. يبدو عارياً ؟؟!! في مشهد شيطاني رهيب .. تشاركه المشهد الآثم امرأة عارية مطموسة المعالم ؟؟!! .
كيف له أن يجعل من مخدع الزوجية الطاهر الشريف مرتعاً لرجس الشيطان وميداناً للإثم والخيانة وارتكاب الفاحشة ... كيف له أن يمارس معها أسوأ صور الخيانة والإثم ؟؟!!,
آه يا سيدي .. وألف آه .. كم هو مؤلم هذا ... لا بد بأنك تشاركني نفس الشعور بالألم والفجيعة للمشهد الرهيب .. من الإثم ورجس الشيطان .
لقد كانت الصدمة شديدة على نفسي ولبي ووجداني ... فلم يستطع عقلي وفكري وقلبي أن يستوعبها بالمطلق .. فتم نقلي إلى المستشفى للعلاج ... فأي علاج سيجدي نفعاً لمثل حالتي هذه ؟؟!! ..
تمنيت لم أنني كنت عمياء .. كفيفة العينين كي لا ارى مثل هذا المشهد .. ومثل هذا الكابوس المخيف ...
الأزمة النفسية الرهيبة كانت تستدعي الاستنجاد بالطبيب .. ولم يكن الطبيب عادياً .. بل كان " طبيب نفسي " ؟؟!! .. الذي حاول بكل جهده علاجي من الأزمة النفسية الحادة الرهيبة .. ورحت أتساءل في سري : " أتراني أصبحت مجنونة ؟؟!! " .. ورحت أتساءل .. " هل هذا الذي يدور من حولي مجرد حلم .. خيال .. وهم تخيل .. كابوس ؟؟!! وكم تمنيت أن يكون الأمر كذلك .. أن أكون قد أصبت بالجنون فعلاً .. أو أنني أعيش كابوسا مخيفا .. أو أنني أهذي .. فهذا كله سوف يكون أهون بكثير من واقع الهوان ومعاناة الذل وألم الخيانة ...
وليس بالأمر الغريب بعد ذلك أن أفقد ثقتي تماماً بكل الرجال .. كل الرجال بلا استثناء .؟؟!! .
تعلقت بأبي أكثر فأكثر ... فهو وحده الذي يمثل الفضيلة والشرف والطهارة .. فأصبح صديقي ورفيقي ومؤنسي ... ورفضت قيام أي علاقة بالعالم الخارجي بالمطلق .
العلاج كان عندي مزدوجاً .. فهو نصف علاج يقدمه لي " الطبيب النفسي " .. أما النصف الآخر والأهم فهو ذلك العلاج النفسي الفاعل الرائع الذي كان يقدمه لي والدي ..
ومع مرور الوقت استطعت أن أستعيد جزءاً لا بأس له من ثقتي بنفسي .. وأخذت بالخروج من الدائرة الضيقة .. ومن القوقعة المخيفة ..
وبدأت في تكوني علاقات اجتماعية وصداقات في حدود ضيقة مع بعض الأصدقاء من زملاء الجامعة .. وكانوا صحبة طيبة رائعين وطيبين.. أحببتهم بصدق وأحبوني كثيرا .. واستطاعوا مساعدتي على الخروج من صمتي وتجاوز الأزمة النفسية ووقفوا إلى جانبي وبدون أن أخبرهم بقضيتي ..
.. ظل الجرح عميقاً عميقاً في نفسي وقلبي وروحي .. وظل يقف حائلاًً قويا في وجه أي حب جديد .. ويجعلني عازفة عن قبول أي حب .. أو أي قلب .
" الطبيب النفسي " بدوره .. كان لا يزال يقوم بواجبه الإنساني .. فيستمر معي بالمعالجة النفسية والطبية والعقاقير .. وكان من ضمن تلك الأدوية والعقاقير علاج كيماوي يعتمد على مادة " الكورتيزون " الذي جعل مني فتاة بدينة جداً .. وغير مرغوب فيها في عالم الرجال ..
الكثير من عبارات التهكم والسخرية كانت تتناهى إلى مسامعي من قبل بعض الشباب .. وهذا ما هز ثقتي بنفسي من جديد .. وما كاد أن يسبب لي انتكاسة نفسية جديدة .. فقمت من جانبي بعمل الرجيم .. لإنزال وزني وتجميل قوامي .. وإراحتي نفسياً ... فحقق هذا بعض النتائج المتواضعة .
.. وتأبي المصائب أن تأتي فرادى ؟؟!!!
فلقد كانت الضربة القاسمة التي قسمت ظهري .. وليس ظهر البعير ... فلقد أصبت بصدمة شديدة ومن العيار الثقيل .. بل الثقيل جداً ... فقد ؟؟؟!!!
... يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.