من روايتي ( هـذيان الجـدران المعتمـة ) ـ 3 ـ
مـن أنـت ؟!
كانت تجلس في ذات صباح وقـد ملأها السأم من هذيان صمت الأمكنة ؛
فمرت على حائط شبكات التواصل ؛ فإذا برسالة من رسائله التي تعود أن ينشرها
عقيب كل فجر ؛ فإذا بها تعيش مع السطور لفظةً لفظةً ؛ ووجدت قلمها يكتب معلقاً
من دون وعيٍ : من أنت يا من تنسج على صفحة السماء بدماء وريدك ؟!
ثم انصرفت ؛ ولكنها لم تذهب أبداً ؛ لقد بقيت معه ؛ تعيش معه بخيالها ؛
ولكنها حياة الحرف الذي سحرها ولم تكن أنثى تعرف غير الصمت ؛ فاستعمرتها
حروفه ؛ وصارت لا تعرف معنى الهروب من خلف الجدران إلا في ساعة الفجر ؛
تلك الساعة التي علمت أنه ينشر فيها مواجده ويبث حكاية أيامه في أسلوبه المختلف !
لم يكن هو يشعر بشيءٍ ؛ غير أنه كان يُعجب بالتعليقة التي تعوَّدها من هذه
العابرة ؛ غير أنه كانت له عادة في اكتشاف ذلك الجالس خلف كلامه من خلال بيانه
وأسلوبه الذي يعلّق به ؛ وكان جريئاً لا يعبأ ؛ غير أنه كان قـد فُطِرَ على الاحترام ؛
وإذا اقترنت الجرأة بالخجل فذاك فذاك سرٌّ آخرُ من أسرار هذه الذات ؛ واقتحمها ذات
يومٍ !
وكانت بداية قصة لم يدر إلى أين ستسير به !؛ غير أنه كان مولعاً بالغرائب ؛
ومن جهة أخرى فإنه كان يثق من قلبه ؛ فهو لا يعرف العشق ؛ ولكنه يدمن السير
خلف أطياف الخيال ؛ ولم يك يدري ما خبَّأه الغيب في ضمير الأيام !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.